top of page

هجرات الفايكنغ إلى الشرق: أبحاث توماس نونان

رامي الابراهيم

قرية ستارايا لادوغا شمال غرب روسيا

ساهم المؤرخ الأمريكي توماس شواب نونان بشكل كبير في تكوين معرفتنا بمملكة روس كييف، وهي إمارة سلافية شرقية استمرت منذ منتصف القرن التاسع إلى منتصف القرن الثالث عشر. يستند هذا المقال إلى ثلاث من مقالاته الأكاديمية المتعلقة بهجرات الفايكنج إلى الشرق ودورهم في تكوين مملكة روس كييف


نبدأ بمقاله الذي نشره عام 1986 ذو العنوان: "لماذا ذهب الفايكنج إلى روسيا لأول مرة؟" حيث ينصب اهتمامه الرئيسي على السؤال التالي: لماذا ذهب الإسكندنافيون إلى بلد غير مضياف وفقير مثل روسيا في ذلك الوقت؟
ويبين في مقالته إلى أي مدى كان شمال روسيا وروسيا بشكل عام فقيرة في القرنين الثامن والتاسع. ولم تكن فقيرة بالمقارنة مع إنجلترا وفرنسا فحسب، بل أيضاً بالمقارنة مع الدول الاسكندنافية نفسها.
ما الذي دفع الفايكنج للذهاب شرقا؟
لفهم هذا الدافع الغريب من جانب الفايكنج داخل روسيا، يسلط نونان الضوء على أهمية ستارايا لادوجا، وهي قرية تقع في شمال روسيا الحالية


لماذا ستارايا لادوجا؟

كلما قرأنا شيئًا يتعلق بروس كييف أو حتى رحلة الفايكنج إلى الشرق، نجد معلومات تتعلق بقرية ستارايا لادوجا أو ذكر لاسمها على الأقل. حتى أن هناك من يطلق على هذه القرية المأهولة بالسكان في القرن الحادي عشر اسم "أقدم عاصمة لروسيا"، في إشارة إلى أهميتها الأثرية. هل يخبرنا موقع ستارايا لادوجا بشكل قاطع عن الأشخاص الأوائل الذين سكنوا القرية؟ هل هم السلاف أم الإسكندنافيون أم الفنلنديون؟ الجواب الحالي هو لا.
في الواقع، تظل القرية مهمة للغاية لدرجة أنها المكان الوحيد الذي يمكننا أن نتحدث فيه بثقة عن مستوطنة في شمال غرب روسيا حوالي عام 800. السبب الآخر لأهميتها هو أن آثارها تشهد على وجود مستعمرة إسكندنافية. على الرغم من أن الآثار و الأدوات الإسكندنافية موزعة في العديد من المواقع الأخرى في روسيا وأوروبا الشرقية، إلا أن الكثير منها يشير إلى هجرة متقطعة إلى حد ما، على عكس المستوطنة الإسكندنافية في ستارايا لادوجا، والتي تقدم دليلاً واضحًا على وجود مستوطنة إسكندنافية دائمة.
ومع ذلك، هناك نوع من التناقض بين الاستنتاجات السوفييتية وتلك الغربية. ففي حين أن علماء الآثار السوفييت يؤرخون ظهور الفايكنج في لادوجا القديمة إلى 840 أو 850 للميلاد، فإن العلماء الغربيين أو الإسكندنافيين يؤرخونه إلى حوالي 750 إلى 830.
طريقان محتملان إلى الشرق
تثير بعض القطع الأثرية التي عثر عليها في دول مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا التساؤل حول المسار الأول الذي سلكته الهجرة الإسكندنافية إلى الشرق. بمعنى آخر، هل اتجه الفايكنغ أولاً إلى دول البلطيق قبل الوصول إلى ستارايا لادوجا أم كان هناك طريقان مر أحدهما عبر دول البلطيق والآخر عبر ستارايا لادوجا؟


الأنشطة الاسكندنافية في الشرق قبل وأثناء عصر الفايكنج

تشير الروايات الإسكندنافية إلى الوجود الإسكندنافي في دول البلطيق منذ نهاية القرن السادس، لكن غالبًا ما تُعتبر هذه الروايات شبه أسطورية. ومن المؤرخين من يعتبر بعض القصص الخيالية مصادر تاريخية، ومنهم من لا يؤمن بهذه القصص كتاريخ حقيقي. وفي المقابل اتخذ مؤرخنا الدكتور نونان موقفاً وسطاً
وفقًا للحفريات الأثرية، كانت المستوطنات السويدية موجودة بشكل رئيسي في القرنين السابع والثامن والتاسع في جروبين في لاتفيا وأبول في ليتوانيا وإلبينج تورسو في بولندا. الحفريات في بروزا، بالقرب من تالين في إستونيا، توفر أيضًا دليلاً على وجود مستوطنات سويدية. تم العثور في هذه المواقع على البروشات (دبابيس الزينة) والبكل ( ج بكلة) والسيوف والأزرار و مقابض السيوف من الاكتشافات السويدية والغوتلاندية ( جزيرة غوتلاند) و حتى غير البلطيقية.
تعطي هذه الاكتشافات الأثرية قبل وأثناء عصر الفايكنج (793-1066) مصداقية، بحسب الدكتور نونان، لقصص الملوك إيفار وإينجفار في الأدب الإسكندنافي
ويخلص الدكتور نونان إلى أن الفايكنج غامروا بالدخول إلى المناطق الداخلية من روسيا، إلى ما وراء لادوجا القديمة، للبحث عن مصدر العملات الفضية الإسلامية التي تسمى الدراهم


لغز يسمى روس كييف
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


وفي منشور أقدم آخر، وهو أطروحة الدكتوراه التي قدمها نونان في جامعة إنديانا في عام 1965، يدرس الدكتور نونان تشكل مملكة روس الكييفية بعد حوالي قرن من بداية عصر الفايكنج. يقول ايضاً أن الطريق التجاري الذي ربط شمال أوروبا بمدن بيزنطة لعب الدور الرئيسي في إنشاء مملكة روس كييف. بمعنى آخر، كانت هناك حاجة إلى إمارة لتأمين الطريق التجاري على طول نهر الدنيبر بين نوفغورود والبحر الأسود. على أية حال، وعلى عكس المؤرخ الإمبراطوري الروسي فاسيلي كليوتشيفيسكي، فإن الدكتور نونان لا يتجاهل أهمية الزراعة في شرح استيطان الفايكنج في كييف روس

اتبع النهر: تقول روس كييف

يمكننا تقسيم طريق الدنيبر التجاري إلى ثلاث مناطق رئيسية: الدنيبر العلوي، والدنيبر الأوسط، والدنيبر الجنوبي. سيطرت مملكة روس كييف في البداية على نهر الدنيبر العلوي الذي كان مركزه في سمولينسك. أما مدينة كييف فكانت مركز منطقة الدنيبر الأوسط. تنافست مملكة روس كييف مع بعض الشعوب البدوية ذات الأصول التركية، البيشنك والكومان، للوصول إلى مياه البحر الأسود، ومن هنا جاءت أهمية مدينة كييف التي جعلت من الممكن السيطرة على التجارة في وسط نهر الدني 

كونك روسياً و شيوعياً لا يعني بالضرورة أنك تعرف أكثر

وفي مقالة ثالثة نشرت في العام 1980 بعنوان: " خمسون عاماً من الدراسات البحثية في تاريخ كييف: تقييم سوفييتي حديث" يكتب فيها مراجعته لكتاب عن التأريخ السوفييتي المتعلق بمملكة روس كييف بين الاعوام 1918 و 1970. نستشف من مراجعته تلك أنه لا يوافق على معظم نتائج الأبحاث السوفييتية
المصادر:
Noonan, T. S. (1986). Why the Vikings First Came to Russia. Jahrbücher Für
Geschichte Osteuropas, 34(3), 321–348. http://www.jstor.org/stable/41047750 .

Noonan, T. S. (1965). The Dnieper Trade Route in Kievan Russia (900-1240
AD). Indiana University.
NOONAN, T. S. (1980). Fifty Years of Soviet Scholarship on Kievan History:
A Recent Soviet Assessment [Review of Sovetskaia istoriografiia Kievskoi Rusi,
by V. V. Mavrodin, N. E. Nosov, M. B. Sverdlov, I. P. Shaskol’skii]. Ru

Principalities_of_Kievan_Rus'_(1054-1132).jpg
bottom of page