top of page

السبابة: علاقاتها اللغوية وإشاراتها الدينية

بادئاً ذي بدء تعلمنا من أهالينا أن كلمة "صب" في لغتنا الأم (بفتح الصاد) تعني سكَبَ وإذا كان فعل أمر كما في: "صب كاسة الشاي" فتكسر عين الفعل، ثم ذهبنا إلى المدرسة وهناك قيل لنا أن "صب" هي فعل تعني اشتاق وأن "الصب" هو المشتاق أو الحبيب المشتاق و زودنا بوابل من المرادفات للاسم "صبابة" من قبيل: الوله والجوى والشغف والهوى والمحبة والهيام والعشق والاشتياق والتلهف والحرقة والصبوة والغرام والوداد والتعلق الخ.


استغربنا هذه الدلالات بالطبع ولاسيما أن اللغة العربية القياسية تستخدم الاسم "صب" بمعنى السكب كما في "صب المعادن" وهذا اشكالي ليس فقط بسبب تشابه الاسم والفعل النادر في العربية ولكن بسبب وجود اشتقاقين للاسم في العربية (صب+ صبابة) وفي كل مرة يتغير المعنى وهو ما يناقض العرف الشائع لغوياً أن الاسم في العربية هو المصدر. عندما بدأت في تعلم العبرية اكتشفت أن في العبرية لفظة قريبة في لفظ "صبابة" وهي كلمة "סבבה" سبابة وتعني التسلية!


ما يسهم في جلاء وإيضاح الأمر هو أن كلمة سبابة موجودة في العربية وتشير إلى الإصبع المجاور للإبهام من أصابع اليد وهو الإصبع الذي تقترب فيه يد الانسان من يد الخالق في لوحة مايكل أنجلو الشهيرة "خلق آدم" والتي يبدو فيها معنى " الصب" أو " سكب الروح" من جهة والصبابة بمعنى شوق الإنسان للقاء الذات الإلهية وشوق الاله للحلول في الانسان وهو أيضا الإصبع الذي يرفعه يوحنا المعمدان للأعلى في لوحة ليوناردو دافنشي والإصبع الذي يرفعه أفلاطون للأعلى في لوحة رافائيل "مدرسة أثينا" Scuola di Atene وهو ذات الإصبع الذي يرفعه المسلمون للأعلى في الإشارة إلى وحدانية الله.


رامي الابراهيم ©


٢١ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

جيعة ابن هانوم גיא בן הנום

جيعة ابن هانوم: تُعرَف أيضاً بوادي ابن هانوم وهو الوادي أو الحفرة الغائرة التي تقع غرب أورشليم القديمة و التي اعتاد الناس أن يرموا...

コメント


bottom of page