top of page

القمر و بوابات و ثغور السماء
مقاربة دلالية وسيميائية لمفردات من لغات الهلال الخصيب القديمة

4.9.2024

رامي الابراهيم

يسود الاعتقاد بين اللغويين أن العلاقة بين الدال والمدلول في اللغة اعتباطي ولكن علم اللغة مايزال علماً حديثاً، و كذلك هي أغلب اللغات التي يخضعها هذا العلم للدراسة، و لكن قد  يصل بنا علم اللغة التاريخي إلى اكتشافات تدهشنا وتغير تصوراتنا

:بداية أوغاريتية


لنأخذ من اللغة الأوغاريتية الكلمة التالية

𐎘𐎙𐎗
تلفظ هذه الكلمة في الأوغاريتية "ثغر" مثل العربية و لكنها تعني بوابة أو مدخل أو حارس البوابة. لها نفس المعنى والمدلولات في

الآرامية תרעא لكن لفظت كما يبدو "ترعة" في الآرامية

يقابلها في العبرية שַׁעַר وتعني البوابة و تشابه الاكادية أكثر ما تشابه الأوغاريتية. تلفظ في العبرية الحديثة "شاأر أو شاهار" بتأثير من اللغات الأوربية والابتعاد عن الوسط السامي
تحافظ العربية القياسية المعاصرة إلى حد ما على معنى البوابة في كلمة "ثغر" وإن كان لها مدلولات أكثر فهي الفم وكل فتحة أو فراغ أو نقطة ضعيفة. للكلمة في العربية الكلاسيكية معان ومدلولات اكثر بكثير بحسب قواميس العربية
وتراثها الشعري ولكن لم تعد تطلق على حارس البوابة

وبالعودة إلى اللفظة الأوغاريتية ثغر نجد أنها تجمع في الأوغاريتية ثغرات
𐎘𐎙𐎗𐎚
أي بحسب ما يسمى في العربية جمع مؤنث سالم أما في العربية الكلاسيكية والمعاصرة  فيجمع جمع تكسير أي ثغور 

هذا وقد وردت الكلمة الأوغاريتية ثغرات في وصف حرب الإلهة عناة في إحدى أشهر الملاحم الأوغاريتية ذات العنوان دورة بعل
( תַּרְעַיָּיא‎) جمعها في الآرامية

وفي العبرية שערים

:​الثغر والثور

​ كما أظن أن كلمة ثغر ترتبط أيضاً بالكلمة الدالة على ثور في الأوغاريتية وهي
𐎘𐎗
تشابه في الحقيقة الكتابة المسمارية للثور البري في الكيونيفورم أو النظام الكتابي السومرأكادي
𒄠
كما ترتبط بكلمات أخرى مثل بقرة وقوس اعتماداً كما يبدو على بعض التصورات الدينية للكون عند شعوب الهلال الخصيب

تحدثنا آداب هذه الشعوب كملحمة جلجامش مثلاً عن ثور السماء الذي أرسلته عشتار لقتال جلجامش أو البقرة السماوية التي ترد في مواضع أخرى
يبدو أن هناك برزخاً في تصورات شعوب الهلال الخصيب للمرور بين السموات والأرض وأن هذا البرزخ هو الثغر أو البوابة وقد يكون في تصورهم هو رحم البقرة السماوية الذي تخرج منه المخلوقات السماوية كلها والذي تعبر من خلاله إلى الأرض
ولبرهان تصورنا نشير إلى الشكل في الكتابة السومر أكادية الدال على البقرة والذي يشابه مثلث الأنوثة أو الفرج كما يشابه البوابة

𒀖
كما أن اللفظة الدالة على البقرة في الأوغاريتية

𐎓𐎗𐎃

والتي تلفظ أرخو في الأكادية وإرخ في العربية القديمة تشابه اللفظة الدالة على البوابة في بعض اللغات الأوربية أي
arch
:ورد في معجم تاج العروس مايلي

"والأَرْخُ بفتح فسكون وهو الصحيح قاله أَبو منصور ويُكْسر نُقِلَ عن الصَّيْدَاويّ : الذَّكَرُ من البَقَرِ ويقال : الأُنثَى من البقَر البِكْرُ التي لم يَنْزُ عَلَيْهَا الثِّيرَانُ . والأَرَخُ محرَّكةً : ة بأْجَأَ أَحدِ جَبلَيْ طِّيىء . والأُرْخِيُّ . بالضّمّ : الفَتِيّ مِنه أَي من البقر ومنهم من عَمّ به البقرَ كالأَرْخِ والإِرْخِ قاله أَبو حنيفة والجمع آراخٌ وإِراخٌ والأُنثى أَرَخَه محرّكةً وإِرْخَة والجمع إِراخٌ لا غير"

:الثغر والقمر

هذا ونشير إلى ان كلمة "بقر" في العربية القياسية المعاصرة وردت في الفينيقية إذ وجدناها في قواميس الفينيقية وكتبت 𐤁𐤒𐤓 ولكنها دلت على الماشية والأنعام
أما الكلمة الدالة على حيوان البقر خصوصاً فكان في الكنعانية مطابقاً أو قريباً لما هو عليه في الأوغاريتية و الأكادية أي إرخ أو أرخ
من الكلمات التي نجدها مرتبطة أيضاً بالبقرة السماوية الكلمة الفينيقية الدالة على القمر 𐤉𐤓𐤇 وتلفظ إرح أو إرخ وهو بالفعل يظهر عندما يكون مكتملاً كأنه ثقب أو ثغر في السماء أونافذة تطل على عالمنا

bottom of page