top of page
  • Twitter
  • Black Facebook Icon
  • Black Instagram Icon

الوعي بالحيّز الفراغي في لغات الهلال الخصيب القديمة

رامي الابراهيم

انظر إلى هذا الرسم الصوري السومري

𒄭

، لست بحاجة إلى أن تتمعن فيه كثيراً، يلفظ "دو" أو " دوغ" بحسب ما يأتي بعده في سياق الجملة و يشير فيما يشير إليه في السومرية إلى ركبة الانسان أو الحيوان

انظر إلى ركبتك و من دون الحاجة إلى إخراجها أو تشريحها ستكتشف أنها تشبه الرمز أو البكتوغراف السومري

𒄭

. في الحقيقة هذا رمز طباعي، أما لو أنك تنظر إليه في الرقم الطيني لوجدت أنه أكثر شبهاً بركبتك. لا يقتصر معنى هذا البكتوغراف ( الرسم الصوري) على الركبة و لكن يعني الحضن أيضاً مما يوحي بأن هذا الرمز يدل على الإنحناء او التقعر سواء أكان نافراً أم غائراً. ربما تلاحظ شبهاً بينه وبين الرمز أو البكتوغراف الذي يلفظ في السومرية "لاغاب" ( جيم مصرية)

𒆸

وربما تفرق بين الاثنين بمصطلحات هندسية من قبيل مربع ومتوازي أضلاع مما هو معروف في الهندسة المستوية

في الحقيقة المعنى في السومرية هو أقرب للهندسة الفراغية فالرمز لاغاب

𒆸

يعني ذلك الامتداد والحيز النافر عن سطح الأرض أو أي سطح ما ولذلك هو يطلق ايضاً على قاعدة جذع شجرة
أما الرمز و هذا رسم صوري آخر مشابه ولفظه مختلف (سور)

𒄮

فهو ذلك الامتداد والحيز الغائر في جوف الأرض أو تحت سطحها الافقي وربما يكون الرمز المستقيم في داخله

𒀸

هو للإشارة إلى الأفق وأن الامتداد الركبي (إن صحت التسمية) غائر تحت سطح الأرض ليدل بالتالي على أي تجويف غائر تحت سطح الأرض الأفقي كالخندق أو الساقية أو البركة

بالعودة إلى البكتوفراف أو الرسم الصوري دوغ

𒄭

الذي يبدو أنه الاصل الأساس لرموز كثيرة تختلف فيما بينها بإضافة رمز آخر لهذا الرمز أو في داخله أريد التنويه أن القراءة العكسية لهذا الرمز هو "غود" وهذه بالضبط هي اللفظة العامية المعاصرة التي يطلقها الفلاحون القاطنون على ضفتي نهر الفرات في سوريا والعراق على الساقية.

هذا و من اللافت للانتباه أيضاً أن المقابلات للركبة في الفينيقية والأوغاريتية والعبرية و السريانية و الجعزية تقوم على تتابع الباء و الراء و الكاف ( برك). فهي (ܒ݁ܽܘܪܟ݁ܳܐ) "بركة" في السريانية و بركو في الأكادية و الأوغاريتية

(𐎁𐎗𐎋)

و (בָּרַךְ) برك في العبرية التوراتية 

لا وجود بالطبع لنقوش قديمة للعربية معاصرة لهذه اللغات السامية القديمة حتى يمكننا مقارنتها بها، ولكن العربية المعاصرة تشذ عن هذا الترتيب بشكل واضح وإن تقاسمت معها الجذر الثلاثي إذ تحوي على تبديل بين الأحرف بالمقارنة مع اللغات السامية القديمة، فبينما تبدأ جميع اللغات السامية القديمة الدالة على الركبة بالباء تنتهي العربية على خلافها جميعها بالباء. و بينما تنتهي الكلمة في جميع اللغات السامية القديمة بالكاف تتوسط الكاف الحروف الصامتة الأساسية الثلاثة في العربية المعاصرة.
هناك خلاف آخر يتجلى في أن البركة في العربية القياسية المعاصرة أي التجويف الغائر تحت سطح الأرض الأفقي المملوء بالماء تتلاقى من حيث الدلالة ( و ليس اللفظ) مع الكلمة السومرية (التي تلفظ سور)

𒄮

بعكس جميع اللغات السامية القديمة التي تتلاقى كمفهوم مع الكلمة السومرية لاغاب

𒆸

والتي تدل على الإنحناء النافر فوق السطح الأفقي. وربما تكون نقطة الالتقاء و الخلاف أن الكلمتين بركة و ركبة تتلاقيان مع مفهوم الإنحناء أو التقعر بشكل عام سواء أكان غائراً ام نافراً كما هو حال الكلمة السومرية "دو" أو "دوغ" .
𒄭
لنختر رمزاً آخراً يستند إلى الرمز السومري الدال على الركبة أو الحضن وهو الرمز

𒄵

المكون من الرمز الدال على التجويف الفراغي 𒄭 دو بالإضافة للرمز الدال على الشعير

𒊺

والذي يلفظ في السومرية "شي". إن معنى هذا الرمز هو آلة الرحى لطحن الحبوب بل إن لفظها في السومرية قريب إلى حدِ ما من لفظه في العربية القياسية المعاصرة ويعبر عنه قاموس بنسلفانيا للغة السومرية بكتابته بالحروف اللاتينية على الشكل التالي

 ara

bottom of page